Thursday, September 3, 2015

المحبة فضيلة وثمر وقوة


 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ. متى 5: 44 - 48


المحبة هي فضيلة في المسيحية.. يقول يوحنا الرسول: وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي للهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 16

كلمة محبة في الكتاب المقدس وردت في الأصول اليونانية بثلاث معان

المحبة الجسدية
المحبة الإنسانية
المحبة الروحية

المحبة الجسدية: ايروس
Eros, eros
أي الشهوة.. قد تتركز المحبة في الجسد، وتتحول إلى شهوة. أو يسميها البعض حبًا، وهو شهوة

و المحبة الجسدية تضر نفسها، وتضر من تحبه أيضًا. سواء الضرر الروحي، وأما يصاحبه من أضرار أخرى. مثال ذلك محبة شمشون الجبار لدليلة.. وما جرته عليه من ضياع.. إذ كسر نذره، وقبض عليه الفلسطينيون وأذلوه وقلعوا عينيه.. وأكثر من هذا كله إن الرب فارقه.. وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فِي وَادِي سُورَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ.. وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلاً وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ، وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُوَّتُهُ. وَقَالَتِ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ. فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ، وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزَّةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ. القضاة 16: 4 ، 19 - 21

ومثل شمشون ودليلة، كذلك داود وبتشبع

هذه الشهوة أو المحبة الجسدية، قادت داود إلى الزنى والقتل، وجرت عليه عقوبة شديدة من الله
فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذلِكَ قَلِيلاً، كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا. لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ. لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ». صموئيل الثاني 12: 7 - 12

المحبة الجسدانية هي المحبة الخاصة باللذة (شهوة الجسد).. والمتعة (شهوة العين).. والرفاهية (تعظم المعيشة).. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. رسالة يوحنا الرسول الأولى 2: 16


المحبة الإنسانية: فيلو
Philo, philo
أي محبة التعامل اليومي مع الناس
التعامل مع الآخر فن يكسب علاقة طيبة ومحبة دائمة، هل ممكن أن نستخدم الكلمة الطيبة والمشجعة في حوارك اليومي مع الآخرين مثل: شكراً.. ربنا يخليك لي.. تعبتك معايا.. من فضلك.. إذا سمحت.. أنت فعلاً إنسان كريم.. أنت مجتهد.. أنت شيك.. يسعدني التعامل معك.. والعديد من العبارات والكلمات الطيبة والمشجعة التي يمكن أن نستخدمها في حوارنا مع غيرنا

لا تبخل بهذه التعبيرات فهي لا تقلل من شأنك إنما ترفعك وتسمو بعلاقاتك مع كل الناس


المحبة الروحية: أغابي هي الممسوحة بالروح القدس، المحبة المقدسة الإلهية، وهذا ما يريده الله منا. أنها ليست محبة بسبب لكنها محبة بالرغم من البغضة والعداوة المقدمة (ضدك) إليك.. أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. لوقا 6: 27 - 28
أحبوا.. أحسنوا.. باركوا.. صلوا.. أي يطلب منا ربنا أن نحب.. نحسن.. نبارك.. نصلي

نحب اعداءنا.. لكي تحب من يؤذيك يجب أن تتغاضى عن اخطائه.. مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ. رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 2

نحسن للآخرين.. كيف نحسن إلى أشخاص لا يحبوننا؟ نبحث عن طريق لتقديم العطاء لهم بأي صورة.. في مقابل البغضة والإساءة ينبغي أن نقدم عمل المحبة والإحسان، نمنح مبغضينا الطعام إن جاعوا، والشراب إن عطشوا، والدواء إن مرضوا، والعلاج إن تعرضت حياتهم للخطر في المستشفيات مثلًا، نقدّم أيضًا لهم النصائح لفائدتهم إذا احتاجوا إلى نصيحة وسنحت الفرصة لنصحهم.. وهكذا

نبارك الذين يلعنوننا أي لا نتحدث لهم أو عنهم إلا بما هو جيد.. في مقابل اللعنة ينبغي أن نبارك من يلعننا. وبهذا نقهر الشيطان الذي يريد أن ينشر اللعنة. أما أولاد الله فينشرون البركة والحب

نصلي للمسيئين إلينا فالصلاة تغيرهم وتغيرنا.. الأعداء يحتاجون إلى صلوات لعل الله ينير قلوبهم بمعرفة الحق. إن المحبة هي الدواء الذي يشفى من تملأ الكراهية قلبه. والصلاة بدافع الحب لها قوة عظيمة في طرد شياطين الكراهية من قلوب المبغضين


Share

Facebook Comments

Popular Posts

My Blog List

Twitter