الساعة الثانية عشرة وربع ظهرًا
لاحظ أحد الآباء الكهنة إنسانًا يحضر كل يوم الساعة الثانية عشرة وربع ظهرًا تمامًا ليقف أمام هيكل اللَّه لمدة دقيقتين في جدية ومهابة ثم يخرج مسرعًا. لم يغب هذا المؤمن يومًا ما ولا تأخر أو تقدم عن هذا الموعد طوال أيام العمل. وإذ أراد أن يعرف ما هو سرّ هذا الرجل أمسك به يومًا ودخل معه في الحوار التالي
- من أنت؟ ومن أين تأتي؟
- أنا موظف أمارس عملي على بعد 15 دقيقة من الكنيسة بالسيارة، يُسمح لي بفترة الغذاء من الساعة الثانية عشرة ظهرًا ولمدة نصف ساعة.
- أتقضي كل فترة الغذاء في المجيء إلى الكنيسة والعودة لتقف لمدة دقيقة أمام الهيكل؟ وماذا تقول فيها؟
- نعم يا أبي. أنا أذكر اسم سيدي يسوع المسيح طوال اليوم، حتى في أحلامي. لكن قلبي يتوق أن أقف أمام هيكل إلهي حتى ينحل جسدي وأتمتع بالهيكل السماوي وأرى الرب وجهًا لوجه. في هذه الدقيقة أقدم ذبيحة شكر للَّه أنه يعطيني الصحة والفرصة لكي أقف أمام هيكله وأرفع قلبي نحوه.
- لكنك تقضي 30 دقيقة ذهابًا وإيابًا لتقف لمدة دقيقة واحدة.
- نعم إن حضرة مسيحي لا تفارقني في الذهاب كما في الإياب، لكن هذه الدقيقة التي أقفها أمام هيكل إلهي لا تقدر بثمن! إنها ذبيحة شكر للَّه!
تعجب الكاهن من إيمان هذا المؤمن العجيب...
فجأة تغيب المؤمن تمامًا. سأل الكاهن عنه حتى عرف مكان عمله، فذهب إلى موضع العمل يسأل عنه، فقيل له أنه يعاني من مرض خطير، ومن آلام كثيرة، وأنه قد التحق بمستشفى في ذات المنطقة.
ذهب الكاهن إلى المستشفى وإذ سأل عن المريض، أجابته الموظفة وعرفته عن رقم حجرته، وقد ظهرت علامات التعجب على وجهها.
سألها الكاهن: أراكِ تتعجبين وأنا أسأل عنه!
أجابته: لست وحدي أتعجب من هذا المريض بل جميع الأطباء وهيئة التمريض وكل العاملين، والمرضى مندهشين لهذا المريض العجيب. فإنه مع ما يعانيه من مرض خطير ومن آلام شديدة لكنه إنسان متهلل دائم الفرح، يبعث روح البهجة على كل من يلتقي به!
اشتاق الكاهن أن يعرف ما وراء هذا الفرح الذي يفيض من هذا المريض العجيب، وإذ التقى به سأله عن سبب فرحه.
أجابه المريض: "كيف لا أفرح يا أبي فإني أشعر بحضرة اللَّه الدائمة معي، خاصة وأنه في كل يوم في الساعة الثانية عشرة وربع ظهرًا تمامًا ينفتح باب حجرتي ويدخل سيدي يسوع المسيح. أراه وجهًا لوجه، لم يتوقف عن زيارتي يومًا واحدًا!
صمت الكاهن قليلاً، وإذا به يصرخ في أعماقه قائلاً:
"عجيب أنت يا إلهي،
فإنك لن تبقى مدينًا لأحد قط.
كان هذا المريض يشتهي أن يلتقي بك.
كان يدخل بيتك كل يوم.
في نفس الموعد تأتي إليه إلى حجرته،
بل وتسكن في قلبه وكل أعماقه بلا توقف.
ألهب قلبي لرؤية جلالك.
هب لي أن أكون جادًا وأمينًا في اللقاء معك،
فتلتقي أنت بي يا شهوة قلبي.
من كتاب قصص قصيرة لابونا تادرس يعقوب