قُدْ سفينة حياتي!
* "صور" المدينة العظيمة هي سفينة من صنع يديك،
أنت صانعها، وأنت واهبها كل غنى،
لكنها اتكلت على غناها،
وقاومت عملك، فتحطمت تمامًا!!
* إني سفينتك يا خالقي!
قُدْ سفينة حياتي، فإني من صنع يديك!
* ما هذه الألواح التي من سرو إلا أعضاء جسدي؟!
إنها خليقتك الجميلة،
وهبتني الجسد مع النفس ليمجداك!
قدِّس عيني وكل حواسي فتشبع بك!
قدِّس عواطفي ومشاعري يا شهوة قلبي!
جسدي بين يديك، هو عطيتك الثمينة لي!
* ما هذه السارية التي من أرز لبنان
التي أقمتها فيّ إلا العقل العجيب؟!
خلقته مستقيمًا لينشغل بك طوال رحلة حياتي القصيرة!
عقلي يتأمل مشيئتك، فيشتهي الطاعة لوصيتك،
يرى فيها عذوبة الشركة معك يا مصدر الحياة!
* ما هذا المجداف الصغير الذي يحرك كل حياتي إلا اللسان؟!
قدّسه، فلا يجدف عليك،
ولا يلعن أحدًا،
ولا يتحرك باطلاً بلا هدف!
قُدْه فيباركك ويسبحك ويشكرك على الدوام،
ويبارك الناس ويفيض عذوبة على كل أحد!
* ما هذه المقاعد التي من العاج المطعم،
إلا الحواس الطاهرة التي وهبتني إياها؟!
لتُشبعها بروحك القدوس فتراك عريس النفس السماوي،
تلتهب حبًا لك ولكل خليقتك! إنها ليست مسرحًا للشياطين،
ولا ملهي للشهوات الجسدية!
حواسي وعواطفي وكل مشاعري هي لك يا حبيب!
* ما هذا الشراع الذي من الكتان المطرز،
إلا قلبي الصغير الذي وهبته النقاوة؟!
بروحك القدوس اتسع ليحمل من لا تسعه السماء والأرض!
مفاتيحه بين يديك يا ابن داود،
لتدخل وتتعشى فيه،
ولتجمع فيه أصدقاءك السمائيين والأرضيين،
تقيم منه ملكوتك المفرح وهيكلك المقدس!
* ما هذه الأغطية التي لسفينة حياتي
إلا السلوك الذي أمارسه بعمل نعمتك؟!
إنه أسمانجوني يحمل لون السماء،
ومن الأرجوان لباس الملوك.
عجيب أنت يا ملك الملوك السماوي،
فإنك تريدني في سلوكي أن أحمل سماتك،
أسلك على الأرض بقلب سماوي،
وأحيا في ضيق العالم كملك صاحب سلطان!
* من هم الملاحون الذين صيدون إلا طاقات النفس الداخلية؟!
هب لها أن تكون صيَّادة ماهرة،
تعمل دومًا لبنيان نفسي وبنيان أخوتي،
لا تعرف الهدم ولا التحطيم!
وهبتني طاقات عجيبة كجنود روحيين،
قُدْها للعمل لحساب ملكوتك،
فلا تكون جنودًا أشرارًا لحساب مملكة الظلمة!
* من هو هذا الربان الذي من صور
إلا روح التمييز والإفراز؟!
هو عطية روحك القدوس،
به أتعرَّف على الخير وأميزه عن الشر،
به لا انحرف عن طريقك الملوكي يمينًا ولا يسارًا!
لا يخدعني البر الذاتي، ولا تجتذبني الشهوات!
به أتعرف عليك إيها الحق!
* من هم القلاَّفون إلا مواهب التي سلمتني إياها؟!
أضرم يا رب مواهبك فيّ،
فأعمل بقوة وحكمة!
أعمل متناغمًا ومنسجمًا مع مواهب أخوتي،
بلا تشامخ وبلا صغر نفس.
أشكرك لأنك قدمت ليّ المواهب التي تناسبني!
* من هم هؤلاء الحراس الذين من فارس ولود وفوط
ألا الدوافع التي خلقتها فيّ!
بدافع الحب التقى بك واحب خليقتك!
بدافع الغضب أثور على خطيتي وأشكو لك نفسي!
بدافع الخوف أخشاك في محبة!
قدّس كل الدوافع فلا تنحرف بعد!
* بائسة هي صور، السفينة الجميلة الغنية،
اتكلت على ذاتها، وعصت خالقها،
فتحطمت وغرقت في بحر هذا العالم!
* قُدْ أيها القبطان العجيب سفينة حياتي،
ليكن صليبك هو سارية حياتي،
ووصاياك هي البحارة!
هب ليّ حبالاً تسند سفينتي.
إنني في وسط تيارات بحر هذا العالم،
لكنني محمول بروحك القدوس إلى الميناء السماوي!
القمص تادرس يعقوب ملطي
No comments:
Post a Comment